الأربعاء، 10 أبريل 2013

موجز الاقتصاد الإسلامي:


موجز الاقتصاد الإسلامي:



مميزات :



من أهم الأمور التي ينبغي الإشارة إليها في الاقتصاد الإسلامي، هو السعي من اجل تحقيق ما يلي:



1: أن لا يكون هناك فقراء يعانون الجوع والمرض والفقر.



2: أن لا تكون هناك مشاريع معطلة.



3: أن لا تبقى طاقات إنسانية، أو غير إنسانية عاطلة.



4: أن لا يبطر الغني.



5: الدولة هي المسؤولة عن هذه البنود الأربعة.



6: أما أن لا يكون في المجتمع اختلاف في المستوى المعيشي والمادي، فليس مهماً، ولا يتمكن أي إنسان أو دولة أن يقول: إني أتمكن أن أوفر التساوي المطلق. وهل عليّة الحزب الشيوعي في كل البلاد الشيوعية، يتساوون في الرواتب والمخصصات مع العامل والفلاح والمثقف البدائي؟!.



والاقتصاد الإسلامي، يقوم بدور البنود الأربعة:



فلا فقراء في الدولة الإسلامية. ولا مشاريع معطلة. ولا طاقات معطلة. ولا يتمكن الغني من البطر.





لا فقر ولا فقراء





1: أما أنه لا فقراء، فإن الدولة الإسلامية مسؤولة بسد حاجات كل فقير.



وذلك حسب اللائق بالكرامة الإنسانية، لا (صدقة) بمفهومها المزري، بل حقاً واجباً.



والمراد بالحاجات: المأكل، والملبس، والمسكن، والمركب، والزواج، والسفر المحتاج إليه، والثقافة، والدراسة والضرورات الطارئة كالمرض وما أشبه.



لا مشاريع معطلة





2: وأما انه لا مشاريع معطلة، فإن الدولة الإسلامية مسؤولة، لا بإقامة المشاريع بمفهومها العام فحسب، بل بالسير إلى الأمام في جميع نواحي الحياة، كالعمران، والزراعة، والصناعة، والتجارة، والمال، وغيرها…



وحديث: (من استوى يوماه فهو مغبون)(2).



و:(الإسلام يعلو ولا يعلى عليه)(3) كاف في الدلالة على ذلك.



لا طاقات معطلة





3: وأما انه لا طاقات معطلة، فإن الدولة الإسلامية، لا تعطي المال لمن يتمكن من العمل ويكسل ويترهل، حتى تبقى طاقات بشرية عاطلة، بل يعطي المال للضعفاء والعجزة، ولمن ينقص مكسبه عن حاجياته، أما البطالون فتهيئ لهم الدولة الإسلامية فرص العمل والتشجيع عليه…



هذا بالنسبة إلى الطاقات البشرية، أما الطاقات الكونية، فالدولة الإسلامية تسعى بكل إمكانياتها، للاستفادة من الثروات الطبيعية التي خلقها الله سبحانه وتعالى للإنسان(4) قال تعالى: (خلق لكم ما في الأرض جميعاً)(5).



لا بطر للغني





4: وأما عدم بطر الغني: فالربا، والاحتكار، والاستغلال، والفسق، كلها محرمة في شريعة الإسلام، فإذا أراد الإنسان أن يعمل أياً من هذه الأمور، فالإسلام يوقفه عند حده.



وبعد ذلك فليكن هناك إنسان غني يملك، الكثير من الدنانير، أو الدور أو ما أشبه(6).





ضمان التطبيق





أما كيف يوفر الإسلام البنود الأربعة؟



فبما يلي :





الحريات





1: بإطلاق جميع الحريات: حرية التجارة، وحرية الصناعة، وحرية الزراعة، وحرية الثقافة، وحرية العمران، وحرية السفر، وحرية الإقامة، وحرية الاستفادة من الطاقات الكونية… إلى غيرها من الحريات الإسلامية الكثيرة.



الثروات الطبيعية





2: باستفادة الدولة من الموارد الطبيعية، واهتمامها في اكتساب المال بما لها من قابلية وإمكانية.



لكن يشترط في هذين الأمرين(7):



أن لا يكون العمل محرماً، كالإتجار بالخمر والخنزير وما أشبه من المحرمات المذكورة في الشريعة الإسلامية(8)



الحقوق الشرعية





3: أخذ الدولة الإسلامية (الخمس) و (الزكاة) من الأغنياء، وهما يقاربان الثلاثين بالمائة، فإن الخمس عشرون بالمائة من أرباح التجارات والمعادن وغيرهما(9)، والزكاة بين العشرة بالمائة وبين الخمسة بالمائة، من الإبل والحنطة والذهب وغيرها(10)…



وحيث ان (الجزية) ـ وهي مال يؤخذ من أهل الكتاب القاطنين في البلاد الإسلامية (11) ـ شبه بدل عن الخمس والزكاة، إذ هما لا يؤخذان من أهل الكتاب. و(الخراج) من موارد الدولة، فهو داخل في البند الثاني، لم نذكرهما مستقلين.



الأوقاف





4: كما أن الدولة الإسلامية توفر كمية كبيرة من المال بواسطة (الأوقاف) فإنها من أضخم الموارد الاقتصادية، إذا عرفت الدولة كيف تكونها؟ وكيف تنميها؟…



وكذلك بواسطة التبرعات التعاونية، كالصناديق الخيرية وما أشبه.



ولو قلنا: إن دولة كالعراق (الحالية) تتمكن أن توفر بهاتين الواسطتين، في كل سنة مئات الملايين من الدنانير، لم نكن بعيدين عن الصواب.



الظروف الطارئة





5: ولا شك أن هناك ظروفاً طارئة، كظروف الحرب، لا تفي الموارد السابقة لسد جميع حاجات البلاد، وفي مثل هذا الظرف، يكون الكل مسؤولاً عن النهضة بتكاليف ما طرأ من الظروف الخاصة، ويكون ذلك جهاداً يشمله قوله سبحانه :( جاهدوا بأموالكم وأنفسكم )(12).



قلة نفقات الدولة





6: ويبقى أن نقول: إن الدولة الإسلامية لكثرة ما فيها من الحريات وقلة ما فيها من القيود، وبفضل مناهجها الموجبة لتعميم الأمن والرخاء… الموجبة بدورها لقلة الجرائم، وبسبب عدم ثقل كاهلها بأنظمة السجون، وضخامة تكاليف الخدمة العسكرية الإجبارية، والتركيز على الجانب العسكري أكثر من اللازم، وبغير هذه الأسباب…



فإن الدولة الإسلامية بفضل تلك المذكورات، قليلة النفقة جداً بالنسبة إلى الدوائر والموظفين و…



ولعلنا نتمكن أن نقول: إن تكاليف الدولة الإسلامية في أمر الدوائر والموظفين أقل من واحد بالمائة، من تكاليف الدول الحاضرة و…



وهذا بدوره يوجب توفر اقتصاد الدولة، مما تتمكن بسببه من سد الحاجيات، وإقامة المشاريع، وتقديم البلاد إلى الأمام بخطوات كبيرة.



الإشراف فقط





7: كما أن من اللازم أن تكتفي الدولة الإسلامية بالإشراف على المشاريع الحيوية عوض قيامها بنفسها بتلك المشاريع.



مثل إجازة التجار بتأسيس مختلف المؤسسات: كالمدارس، والمعامل، والوسائل المختلفة للنقل، كالقطارات والمطارات وما أشبه، ومحطات الكهرباء، وغيرها، فإنها توجب دخلاً كبيراً في توفر الاقتصاد للدولة.



سائر المناهج الاقتصادية





أما المآخذ التي تؤخذ على سائر المناهج الاقتصادية، فيمكن إيجازها فيما يلي:





1: الاقتصاد الرأسمالي



أ: فانه لا يتكفل برفع مستوى الفقير، حتى يسد جميع حاجياته، ولذا نرى كثرة الفقر والبطالة في البلاد الرأسمالية.



ب: انه يكبت الحريات نوعاً ما، بسبب وضع القيود الكثيرة والضرائب على الاستثمار والتجارة وغيرهما من موارد نمو المال.



ج: انه لا يوقف الغني عند حدة، ولذا يكثر البطر في أغنياء الرأسماليين.



2: الاقتصاد الاشتراكي



أ: فانه بالإضافة إلى وجود مساوئ الاقتصاد الرأسمالي، يحتوي على مساوئ الاقتصاد الشيوعي، كما ترى. فهذا الاقتصاد، بزعم تجنبه مساوئ الاقتصادين، جمع قسطاً من مساوئ كل منهما.



ب: انه ليس لهذا الاقتصاد مفهوم محدد المعالم، ولذا كثرت أنواع الاقتصاد الاشتراكي في عالم اليوم، ومن المعلوم أن تضارب المفاهيم، دليل على شلل الفكرة وعدم انسجامها لواقع الحياة.



3: الاقتصاد الشيوعي



أ: فإنه كبت لكافة الحريات، حتى حريات الحزب، فإن النظام نظام من شأنه الكبت والإرهاب، ولذا يكون الحزب وسائر الشعب تحت ظل هذا النظام مكبوتين خائفين، ومن المعلوم أن كبت الحرية يشل القوة الاقتصادية.



‎ب: انه لا يرفع مستوى الغنى إطلاقاً، بل الفقراء في ظل هذا النظام أشد بؤساً وفقراً من الفقراء في ظل أي نظام آخر.



ج: انه لا يفسح المجال أمام الطاقات المبدعة والبناءة، لتتمكن من البناء بالقدر الممكن، فإن الإنسان ذا ملكات خيرة، إن وجدت المجال تقدمت وازدهرت، وان لم تجد اضمحلت واندثرت.



د‎: انه يبتني على كثرة موظفي الدولة، حتى انها لتفوق موظفي الدول الرأسمالية والاشتراكية، فإن أعضاء الحزب كلهم موظفون في الدولة الشيوعية، مما يسبب انخفاض الاقتصاد تلقائياً.



هـ: انه يوجب تحويل القوة المسيطرة على العامل والفلاح والكاسب من أيادي ضعيفة (كالمالك للمعمل وللأرض، وتاجر الجملة) إلى يد الدولة القوية، حيث لا يجد العامل والفلاح والكاسب، ملجأ يقيه من الحيف الواقع عليه.



بينما في غير الدولة الشيوعية يجد المضطهد ـ ولو بنسبة ـ ملجأ يحتمي عن الظلم والاستغلال، وهذا الأمر من أكبر العوامل لانخفاض الاقتصاد، إذا الضغط الذي لا يمكن رفعه ولا يجد من عليه الضغط متنفساً لرفع الضغط الواقع عليه، من أكبر أسباب تدهور وضع البناء والإنتاج والعمران والتقدم.



هذا مجمل عن الاقتصاد الإسلامي بمقارنة بدائية مع الاقتصاد الرأسمالي والشيوعي والاشتراكي، أما تفصيل هذه الأمور فبحاجة إلى كتب مفصلة، مع بيان الأرقام والشواهد والبراهين.



خاتمة(13)





س: هل كان للإسلام اقتصاد؟



ج: الاقتصاد الصحيح الحر، إنما هو في الإسلام وحده، أما الاقتصاد السائد في عالم اليوم، فليس باقتصاد صحيح، لما فيه من:



1: انحراف في الاقتصاد، برفع كفة إلى السماء من أصحاب الملايين، ووضع كفة إلى ما تحت الأرض من الفقراء الذين يموتون جوعاً وعرياً، كل يوم بالآلاف(14).



2: وكبت للاقتصاد، بإلغاء الملكية الفردية، فالأفراد يعيشون في أفقر حالة.





س: كيف كان الاقتصاد الإسلامي؟



ج: بيان الاقتصاد في الإسلام يحتاج إلى مجلدات ضخمة لكنا نوجزه في الخطوط الأساسية العامة التي وضعها الإسلام لنفي الفقر والحاجة عن المجتمع وترفيع مستوى المعيشة، والخطوط الأساسية هي:



الأولى: توسيع الحريات في جميع المجالات، فإن الناس حيث كانوا يتمتعون بحرية واسعة في ظل الحكم الإسلامي كانوا يعملون بكل جد وإخلاص، والطريق أمامهم مفتوح، ولهذا كانوا يثرون، وقلما يوجد إنسان محتاجاً…إذ من المعلوم أن المناهج الأصلية للثروة كانت مباحة بجميع أقسامها، ولم يكن عليها ضرائب واتاوات، كما لم تحتاج إلى قيود وشروط، فكان كل إنسان يشتغل ويعمل، وعمله كان يدر عليه الرزق ويفيض عنه، أما في ظل القوانين الوضعية:



1: فمنابع الثروة محصورة، لا يحق لأحد الانتفاع بها.



2: وما يجوز الانتفاع بها، عليها ضرائب ورسوم.



3: ثم الانتفاع لا يكون إلا بقيود وشروط.



ولذا قلما يتمكن الإنسان من الانتفاع بالمنابع الأصلية، وفي صورة التمكن، تأخذ منه الشروط والضرائب كل مأخذ، ولو قلنا إن هذه القيود خفضت مستوى الثروة من المائة إلى العشرين، لم نكن مبالغين.



ونمثل لذلك بالعراق، فقد كانت في زمن الإسلام عامرة بالزراعة والعمارة، وفي ظل غير الإسلام، لا نجد إلا الجزء القليل منها عامرة، أما الباقي فخراب ويباب، وبينما كان يعيش من خيراتها أربعون مليون، تحت ظل الإسلام، لا يصل نفوسها اليوم إلى ثمانية ملايين(15).



الثانية: بساطة جهاز الحكومة في الدولة الإسلامية، وكم ترى من البساطة، في هذا المثال:



حينما فتحت العراق، جاء إليها من المدينة للحكومة ثلاثة أشخاص فقط، والسر أن الجهاز الحكومي موضوع للعدل بين الناس أولاً، وحفظ البلاد من الأعداء ثانياً، ورفع المستويات في جميع الجهات ثالثاً … وحيث أن الحكومة الإسلامية :



1: شعبية إلى أبعد حد.



2: لا تعترف بالقيود التي تسبب كثرة الأجهزة.



3: ليست (روتينية) وإنما سريعة في حل القضايا.



4: تعمم الثقة بين الناس، بوضع مناهج الإيمان والضمير.



لذا لا تحتاج إلى أجهزة كثيرة، فموظفوا الدولة في غاية القلة، ولذا فالمال متوفر إلى أبعد حد، وهذا مما يسبب بدوره رفع المستوى الاقتصادي من ناحيتين:



الأولى: إن الموظف غالباً لا يعمل لنفسه، وإنما يكون كلاً على الآخرين، فإذا قل الموظفون توفر المال الذي يلزم صرفه فيهم، فيتوفر المال عند الدولة، فتقوم بسائر الأمور الحيوية.



الثانية:‎ إن الذين لا يوظفون، يعملون لأنفسهم ويكونون أجهزة الإنتاج، بينما إذا كانوا موظفين، أصبحوا أجهزة الاستهلاك، ولنأخذ مثلاً: إذا كان في بيت عشرة أشخاص، كل شخص يكسب كل يوم ديناراً، فإذا وظفنا من هؤلاء خمسة ـ فرضا ـ كان الدخل خمسة دنانير لعشرة أشخاص، بينما إذا كان الموظف منهم واحداً، كان الدخل تسعة دنانير لعشرة أشخاص.



الثالثة: بيت المال، وكان يجمع المال فيه، من الأخماس، والزكوات، والجزية، والخراج، وقد تقدم معنى (الخمس والزكاة والجزية).



وأما (الخراج) فهو حاصل أراضي الدولة التي لها بالحيازة، أو للمسلمين بالمحاربة أو ما أشبه.



وظيفة بيت المال

ووظيفة بيت المال أمران:



الأول: سد حاجات الناس، إطلاقا.



الثاني‎: القيام بمصالح الناس بمختلف أقسام المصالح ، فبيت المال ـ مثلاً ـ يعطي المال للفقير ليغنى، ولابن السبيل ليرجع إلى بلده، وللأعزب ليتزوج، وللمريض الذي لا يتمكن من نفقة مرضه حتى يشفى، وللشخص الذي ليس له رأس مال وهو يريد الكسب ليكتسب، والذي ليس له دار وهو بحاجة إليها، ليبني داراً، ولمن يريد طلب العلم ولا يتمكن من النفقة لينفق في سبيل العلم…إلى غيرها وغيرها من سائر الحوائج.



وبالجملة: فكل محتاج يراجع بيت المال وعلى بيت المال تموينه، على سبيل الوجوب والحق عليه، لا على سبيل التبرع والإحسان.



هذا من ناحية…



ومن ناحية أخرى: على بيت المال القيام بجميع مصالح المسلمين من تعبيد الشوارع وإنارتها، وبناء المصحات، وفتح المدارس، وبناء المساجد… وغيرها وغيرها، فلا يبقى معوز محتاج، ولا مصلحة غير مكفية.



وبهذه الخطوط الثلاثة التي ألمعنا إليها: (توسيع الحريات، وبساطة جهاز الحكومة، وبيت المال) تمكن الإسلام من ترفيع مستوى الناس (اقتصادياً) ولذا كان الاقتصاد الإسلامي من أفضل أنواع الاقتصاد، لا كالاقتصاد الرأسمالي الذي فيه اختلال الثروة، ولا كالاقتصاد الشيوعي الذي لا يقوم بأوليات حاجات الشعب.





ثلاثون طريقة لخدمة الدين

باسم الله الرحمان الرحيم:

قراءات في الإستراتيجيات الصهيونية

باسم الله الرحمان الرحيم


التصور الفني في القرآن الكريم

باسم الله الرحمان الرحيم

دراسة في علم الأصول

باسم الله الرحمان الرحيم:

دراسة في فقه مقاصد الشريعة


"دراسة في فقه مقاصد الشريعة"





إن الفقه في الدين أخص من العلم بالدين؛ فالعلم بالدين قد يكفي فيه العلم بظاهره، أما الفقه في الدين، فلا يتحقق إلا بالعلم بباطنه وأسراره، وأول ما يشمل هذا ـ أي العلم بالدين ـ العلم بالمقاصد التي جاء بها الدين؛ ولهذا عُد العلم بمقاصد الشريعة هو لُباب الفقه في الدين.





وإن من وقف عند ظواهر النصوص، ولم يَغُص في أعماقها وحقائقها، ويتعرف على أهدافها وأسرارها، فلا يحسب أنه قد فقه في الدين، وعرف حقيقة الدين.





وليس معنى الاهتمام بأسرار الدين، ومقاصد الشريعة: أن نعرض عن النصوص الجزئية المفصلة التي جاء بها القرآن، والسنة النبوية، فإن هذا انحراف مرفوض، لا يصدر عن مؤمن.





وحول هذا الموضوع الكبير ـ العلاقة بين النصوص والمقاصد ـ جاءت هذه الدراسة بعنوان (دراسة في فقه مقاصد الشريعة) للشيخ الدكتور (يوسف القرضاوي) ليبين ما فيها من اتجاهات ثلاثة: طرفين ووسط بينهما، وما لكل منها وما عليه، عن الطريق العرض لثلاث مدارس, وكيفية فهم كل منها لفقه النصوص الشرعية الجزئية في ضوء مقاصد الشريعة الكلية كما يلي:





· مدرسة (الظاهرية الجدد) فقه النصوص بمعزل عن المقاصد





وهذه المدرسة تعنى بالنصوص الجزئية، وتتشبث بها، وتفهمها فهمًا حرفيًا، بمعزل عن قصد الشرع من ورائها، وهؤلاء الحرفيون هم ورثة الظاهرية القدامى، الذين أنكروا تعليل الأحكام، كما أنكروا القياس، وهؤلاء ورثوا عن الظاهرية القدماء: الحرفية والجمود، وإن لم يرثوا عنهم سعة العلم، ولا سيما فيما يتصل بالحديث والآثار.





ولا ريب في أنهم بجمودهم وتشددهم، ـ بالرغم من إخلاص كثير منهم وتعبدهم ـ يضرون بالدعوة إلى الإسلام، ضررًا بليغًا، ويشوهون صورته المضيئة، كما يبدو ذلك واضحًا في مواقفهم في قضايا المرأة والأسرة، وقضايا الثقافة والتربية والاقتصاد والسياسة والإدارة.





ولقد كانت لهذه المدرسة التي غلبت عليها الظاهرية سمات وخصائص علمية وفكرية، تميزها عن غيرها من المدارس، وتؤثر في اتجاهها الفقهي والعملي في اختيار الآراء، وقد أجمل الدكتور القرضاوي هذه الخصائص في ست نقاط كما يلي:





1. حرفية الفهم والتفسير





2. الجنوح إلى التشدد والتعسير





3. الاعتداد برأيهم إلى حد الغرور





4. الإنكار بشدة على المخالفين





5. التجريح لمخالفيهم في الرأي إلى حد التكفير





6. عدم المبالاة بإثارة الفتن





وقد ارتكزت مدرسة الحرفيين، والتي سماهاه الشيخ بالظاهرية الجدد على جملة مرتكزات تتمثل فيما يلي:





أولًا: الأخذ بظواهر النصوص، دون التأمل في معانيها وعللها ومقاصدها؛ فما أفادته هذه الظواهر أخذوا به، دون أن يكلفوا أنفسهم مشقة البحث في هذا النص وما أخذ منه من حكم: هل هو موافق لمقصود الشارع أولًا؟ وهل للشارع مقصد منه أو لا؟ وما هو؟





ثانيًا: أنهم ينكرون (تعليل الأحكام) بعقول الناس واجتهاداتهم، فإنهم لا يثقون بالعقل الإنساني في فهم النصوص، ومحاولة التعرف على مقاصدها وعللها، وما وراء الأحكام من حِكَم أرادها الحكيم العليم.





ثالثًا: أنهم يتهمون الرأي، بل يدينونه، ولا يرون استخدامه في فهم النصوص وتعليلها، ويرون اتباع الرأي والتوسع فيه أمرًا مبتدعًا ومذمومًا.





رابعًا: أن المدرسة الحرفية تنهج بصفة عامة نهج التشدد في الأحكام، وتميل إلى شدائد ابن عمر، أكثر من رخص ابن عباس، وإذا وجد قولان متكافئان أو متقاربان، أحدهما أحوط والآخر أيسر، فإنها تميل دائمًا إلى الأخذ بالأحوط.





ثم عرض الدكتور يوسف القرضاوي إلى مواقف وأمثلة نعتها بالصارخة، لحرفية أرباب هذه المدرسة وجمودهم على الظاهر ومن ذلك:





1. إسقاط الثمنية عن النقود الورقية:





فلقد وجد من يقول: إن النقود الورقية التي يتعامل بها العالم كله اليوم، ومنه العالم الإسلامي ليست هي النقود الشرعية التي وردت في كتاب الله والسنة، وعلى هذا لا تجب فيها الزكاة، ولا يجري فيه الربا! إنما النقود الشرعية هي الذهب والفضة وحدهما!





وقد ذكر الشيخ أنه رد عليهم في كتابه (فقه الزكاة) وبين أن تناقضهم واضح، لأن هذه النقود هي التي يدفعونها ثميًا للأشياء، فيستحلون بها مختلف السلع، وهي التي يدفعونها مهرًا للمرأة، فيستحلون بها الفروج، ويدفعونها أيضًا دية في القتل الخطأ ... الخ.



فكيف ساغ لهؤلاء أن يغفلوا ذلك كله، ويُسقطوا الزكاة عن هذه النقود، ويجيزوا الربا فيها، لأنها ليست ذهبًا أو فضة.

2. إسقاط الزكاة عن أموال التجارة:





وهنا قال الشيخ أن من أعجب ما سمعنا في عصرنا من آراء هؤلاء: القول بسقوط الزكاة من أموال التجارة، وقد ذكر الدكتور القرضاوي أنه قد رد على ذلك في أحد كتبه وسجل تعجبه من إسقاط الزكاة عن أموال التجارة في العصر الذي ربما يصل فيه كسب التاجر عشرات الملايين، وتسقط الزكاة عنه، إذًا فليمت الفقراء جوعًا وليهلك الضعفاء تشردًا، إلا أن يجود عليهم التجار بما تطيب به أنفسهم من الفتات.





3. الإصرار على إخراج زكاة الفطر من الأطعمة:





وقد أشار الشيخ إلى أن هذا أمر اختلف فيه الأئمة والفقهاء، فلا يجوز الإنكار والتشديد فيه لأن المتفق عليه: أن لا إنكار في المسائل الاجتهادية الخلافية، إنما ينكر فيما اجتمعت عليه الأمة بيقين.





4. تحريم التصوير الفوتوغرافي والتلفزيوني:





وهنا أوضح الشيخ أن العلماء قد اختلفوا في ذلك فمنهم من أباح ومنهم من كره ومنهم من حرم، وكانت الإباحة هي الرأي الأشهر الذي أفتى به كبار علماء الأمة، ومن أظهرهم مفتي الديار المصرية في زمنه الشيخ محمد بخيت مطيعي، مؤكدًا أن العلة التي ذكرتها الأحاديث المحرمة للتصوير، والتي لعنت المصورين: أن يضاهون خلق الله، وهذا ينطبق على التصوير المجسم، وهو ما نسميه التماثيل.





أما هذا التصوير الفوتوغرافي ـ من وجهة نظره ـ، فليس فيه مضاهاة خلق الله، وإنما هو خلق الله نفسه، انعكس على الورق المخصوص، كما تنعكس الصورة على المرآة.





· مدرسة (المعطلة الجدد) تعطيل النصوص باسم المصالح والمقاصد





والمدرسة الثانية المقابلة لمدرسة الظاهرية الجدد: المدرسة التي تغفل النصوص الجزئية، بل تتعمد الإعراض عنها، وتزعم أنها إنما تنظر إلى المصالح العامة، والمقاصد الكلية.





وهؤلاء أطلق عليهم الشيخ يوسف القرضاوي (المعطلة الجدد) إذ أنهم ورثوا المعطلة القدامى, الذين عطلوا أسماء الله تعالى من معانيها الحقيقية.





فأولئك المعطلة الجدد اجترءوا على نصوص الشرع، التي جاء بها الوحي المعصوم في القرآن العزيز، والسنة المشرفة فردوها بلا مبالاة، وجمدوها بلا أثارة من علم أو هدى.





والعجب أن هؤلاء يعطلون نصوص الشرع باسم مراعاة مصالح الخلق، وكأن شرع الله جاء ليناقض مصالح الناس، وهؤلاء يريدون ـ تحت ستار المقاصد ـ إلغاء الفقه الإسلامي كله، وإلغاء علم أصول الفقه كله، والاكتفاء بالمقاصد.





إن هؤلاء يؤلهون أنفسهم، ويعطونها حق الله تعالى في التشريع لعباده، فيحللون الحرام، ويحرمون الحلال بأهوائهم، وتزيين الشيطان لهم، فهم بهذا يريدون للناس أن يتخذوهم أربابًا من دون الله، وقد بين الشيخ سمات هذه المدرسة فأجمل ذلك فيما يلي:





1. الجهل بالشريعة.





2. الجرأة على القول بغير علم.





3. التبعية للغرب





ثم كشف الدكتور يوسف القرضاوي عن مرتكزات مدرسة المعطلة لنصوص الشريعة، وبين أنها جملة أمور تعدها المدرسة العُمد التي تبني عليها نظريتها وهي:





أولًا: إعلاء منطق العقل على منطق الوحي:





فعلى منطق عقلاني محض، تزعم من خلاله ـ مدرسة المعطلة ـ أن الله غني عن خلقه، وأنه أعطاهم العقول ليفكروا بها ويستخدموها في معاشهم ومصالحهم، لا يتركوها هملًا، فإذا اهتدت عقولهم إلى مصلحة، ووجدوا فيها الخير والنفع لهم؛ كان عليهم أن يحصلوها، ولو كانت مصادمة لنص شرعي جزئي.





وبمثل هذا المنطق يحتج هؤلاء على دعواهم في تعطيل نصوص الشريعة، فخلاصة هذا المرتكز: "هي إعلاء منطق العقل على منطق الوحي، وهم في هذا غالطون، أو مغالطون فيما يدعون".





أما غلطهم، فهو أن العقل الإنساني مهما بلغ من العلم، وارتقى في المعرفة، سيظل في حاجة إلى هدى الله، ليسدد العقل في مواطن الشبهات، ويثبته عند المزالق المضلة، وقد أوضح الشيخ ضلال العقل حينما يستقل عن هدى الله والوحي الإلهي, فأشار إلى ضلال العقل قبل الإسلام في وأد البنات وغيرها من الضلالات، ورأينا كيف وصل العقل بأصحابه في الدول التي أباحت الشذوذ والزنا والعري الكامل والمخدرات ... وأشياء كان من قبلنا يستحي من ذكرها حتى باللسان.





وأما مغالطتهم، فهي في تمويههم وإيهامهم: أن النصوص الشرعية يمكن أن تعارض المصالح البشرية، وهذا افتراض لم يقم عليه دليل.





ثانيًا: ادعاء أن عمر عطل النصوص باسم المصالح:





فقد اعتمدوا على مواقف لعمر رضي الله عنه زعموا: أنه عطل النصوص فيها حينما رآها عطلت المصالح، وهو أحد الذين أمرنا أن نستن بسنته، وزعمهم كله باطل فمثال ذلك دعواهم أن عمر ألغى سهم المؤلفة قلوبهم، وهو مصرف من مصارف الزكاة.





وهذه دعوة خاطئة كباقي الدعاوى فعمر لم يلغي السهم وإنما منع عمر أن يعطي من الزكاة أو من غيرها قومًا كانوا مؤلفين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر، ورأى عمر أنهم لم يعودوا يستحقون الأخذ من بيت مال المسلمين بهذا الوصف (المؤلفة قلوبهم) لأن الله أعز الإسلام وأغنى عنهم.





فأي نص علقه عمر أو جمده حين رفض أن يعطي أناسًا معينين؟





ثالثًا: مقولة نجم الدين الطوفي:





فهؤلاء يعتمدون كذلك على مقولة اشتهرت للفقيه نجم الدين الطوفي ادعوا عليه فيها: أنه قال ما معناه: (إذا تعارض النص القطعي في ثبوته ودلالته مع المصلحة: قدمنا المصلحة، وعلقنا النص وجمدناه ...الخ)، وقد علق الشيخ القرضاوي على نص نجم الدين الطوفي قائلًا: (ظاهر كلام الطوفي كما يبدو في بعض فقراته من تقديم المصلحة على النص، مردود عليه، وهو مما انفرد به، وأنكره عليه عامة العلماء ...الخ).





رابعًا: مقولة (حيث توجد المصلحة فثم شرع الله):





فهذه العبارة من مستندات مدرسة المعطلة وهم يدعون نقلها عن الإمام ابن القيم .. والحق أنهم لم ينقلوا كلمة ابن القيم بنصها ولفظها، فهو لم يتكلم عن المصلحة وإنما تكلم عن العدل، كما أنهم يقطعون هذه الكلمة عن سياقها الذي وردت فيه.





أما إطلاق هذه الكلمة عن ابن القيم أو شيخه ابن تيمية فلم يثبت عنهما، ومن أراد الاستزاده فليرجع لكتاب (الطرق الحكمية) لابن القيم في أثناء رده على الذين يحصرون البينة الشرعية في شهادة الشهود وحدها، ليتبين له ما وقعوا فيه من خلط ولبس.





ثم ختم الشيخ حديثه عن هذه المدرسة بالحديث عن نتائج ومواقف لفقه هذه المدرسة, مثل الهروب من النصوص القطعية, والتشبث بالمتشابهات, ومعارضة أركان الإسلام والحدود باسم المصالح.





· المدرسة الوسطية: الربط بين النصوص الجزئية والمقاصد الكلية





وهي المدرسة التي تسير على النهج الوسط للأمة الوسط، فهي وسط بين المدرستين السابقتين، فلا تغلو مع الغالين، ولا تفرط مع المفرطين، إنها مدرسة الصراط المستقيم التي ترفض التطرف والتسيب كليهما وتؤمن بالتوازن والاعتدال.





وتتجلى وسطية هذه المدرسة، بأنها تربط بين النصوص الجزئية والمقاصد الكلية، وتفهم الجزئيات في ضوء الكليات، ولا تغلو في اتباع ظواهر النصوص.





تؤمن المدرسة الوسطية ـ من وجهة نظر الدكتور القرضاوي ـ: بأن أحكام الشريعة معللة، وأنها كلها على وفق الحكمة، وأن حكمتها تقوم على رعاية مصالح الخلق.





وقد بين الشيخ وهو بصدد الحديث عن المدرسة الوسطية، سماتها وخصائصها وأجملها فيما يلي:





1. الإيمان بحكمة الشريعة وتضمنها لمصالح الخلق.





2. ربط نصوص الشريعة وأحكامها بعضها ببعض.





3. النظرة المعتدلة لكل أمور الدين والدنيا.





4. وصل النصوص بواقع الحياة وواقع العصر.





5. تبني خط التيسير والأخذ بالأيسر على الناس.





6. الانفتاح على العالم، والحوار والتسامح.





ثم بين الشيخ تلك المرتكزات التي قامت عليها المدرسة الوسطية وهي:





أولًا: البحث عن مقصد النص قبل إصدار الحكم:





وهنا يتبين لنا أن أول مرتكزات المدرسة الوسطية: أنها تجتهد في البحث عن مقصد النص الشرعي وهدفه، قبل أن تسارع بإصدار الحكم من مجرد لفظه، وذلك لا يكون إلا بطول البحث والتدبر للنصوص الواردة.





ثانيًا: فهم النص في ضوء أسبابه وملابساته:





فمن مرتكزات المدرسة الوسطية في حسن فهمها للشريعة: قراءة النص في ضوء سياقه وأسباب نزوله إن كان قرآنًا، أو أسباب وروده إن كان حديثًا، ومعرفة الظروف والملابسات التي سيق فيها الحديث، حتى لا يخطئ الدارس فهم المقصود منه.





ثالثًا: التمييز بين المقاصد الثابتة والوسائل المتغيرة:





فالمتأمل في أحكام الشريعة وأوامرها ونواهيها: يتبين له أن منها ما يقرر المبدأ المطلوب، وهو المقصود للشارع، ولا يعين له وسيلة لتحقيقه؛ لأن وسائله قابلة للتغير والاختلاف؛ باختلاف الأزمنة والأمكنة والأعراف، والظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.





رابعًا: الملاءمة بين الثوابت والمتغيرات:





وهذا من مرتكزات المدرسة الوسطية أنها تلائم بين الثوابت الشرعية ومتغيرات الزمان والمكان، فأما الثوابت فلا يمكن المساس بها بحال، وهي الدائرة المغلقة التي لا يدخلها الاجتهاد، ولا التجديد ولا التطور، كالعقائد الأساسية، وأركان الإسلام العملية، وأمهات الفضائل الأخلاقية، وأمهات المحرمات القطعية، ... إلخ.





وما عدا ذلك من الأحكام الفرعية والجزئية فهو من المتغيرات، وهذه الدائرة دائرة رحبة، يدخل فيها كثير من أحكام الشريعة، وهي قابلة للاجتهاد والتجديد والتطور.





خامسًا: التمييز في الالتفات إلى المعاني بين العبادات والمعاملات:





ومن مرتكزات المدرسة الوسطية أنها تتبنى هذه القاعدة الهامة التي نبَّه عليها الإمام الشاطبي، وهي التفريق بين العبادات والعادات من ناحية الالتفات إلى المعاني والعلل والمقاصد من وراء التكليف لكل منهما، وتدليله على ذلك.





والإشارة إلى هذه القاعدة نجدها بوضوح في كتاب الموافقات للإمام الشاطبي وهي: أن الأصل في العبادات بالنسبة إلى المكلف، التعبد دون الالتفات إلى المعاني، وأصل العادات (يعني: المعاملات): الالتفات إلى المعاني.





ثم ختم الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي حديثه عن المدرسة الوسطية، ومن ثم الكتاب بالعرض لنتائج ومواقف من فقه المدرسة الوسطية، فالمرتكزات الفكرية والعلمية للمدرسة الوسطية, ومن قبلها الخصائص والسمات التي تميزها عن غيرها والتي كان لها أثرها الواضح في اجتهاداتها ومواقفها المتوازنة في مختلف القضايا الفقهية والفكرية والشخصية والأسرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية الدولية.





وقد وجد من فقهاء هذه المدرسة في كل عصر من وفقه الله تعالى ليفتي الأمة بما يُحبب إليها خالقها، ويرغبها في طاعته؛ نتيجة لاتباعه منهج التيسير والتبشير، الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.





ومن قرأ فتاوى العلامة المجدد السيد محمد رشيد رضا، والعلامة النجدي عبد الرحمن السعدي، والعلامة المصري محمود شلتوت، وغيرهم من الوسطيين؛ وجد فيها الروح الميسرة المعتدلة البعيدة عن التنطع، فكلها كانت تمثل التيار الوسطي المعتدل، وقد اكتفى الشيخ بنقل فتوى أو اثنين لكل واحد من هؤلاء الأعلام، تمثل اتجاه المدرسة الوسطية.

الإقتصاد الإسلامي هو البديل

باسم الله الرحمان الرحيم


الإقتصاد الإسلامي هو البديل:وبشهادة حتى الغربيين:



*بسم الله الرحمن الرحيم*



*اقتصاديون كويتيون*: توقعنا انهيار النظام الرأسمالي ولكن ليس بهذه السرعة

*اقتصاديون غربيون*: الاقتصاد الإسلامي هو الحل للخلاص من الأزمة الاقتصادية

العالمية!!



*اعداد سالم عبد الغفور:* دعت بعض الصحف والمجلات الاقتصادية المتخصصة في

أوروبا لتطبيق الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي كحل أوحد للتخلص من براثن

النظام الرأسمالي الذي يقف وراء الكارثة الاقتصادية التي تخيم على العالم.



وقد تداول العديد من المواطنين والمهتمين بالشؤون الاقتصادية في الكويت هذه

المقالات عبر الانترنت جاء فيها ان رئيس تحرير افتتاحية مجلة تشالينجز بوفيس

فانسون كتب في افتتاحية العدد الصادر بتاريخ 5 أكتوبر الماضي موضوعا بعنوان

»البابا أو القرآن« أثار موجة عارمة من الجدل وردود الأفعال في الأوساط

الاقتصادية.



فقد تساءل الكاتب فيه عن أخلاقية الرأسمالية؟ ودور المسيحية كديانة والكنيسة

الكاثوليكية بالذات في تكريس هذا الاتجاه والتساهل في تبرير الفائدة مشيرا الى

أن هذا النسل الاقتصادي السيئ أودى بالبشرية الى الهاوية.



وتساءل الكاتب ع موقف الكنيسة ومستسمحا البابا بنديكيت السادس عشر قائلا: أظن

أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة الى قراءة القرآن بدلا من الانجيل لفهم ما يحدث

بنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من

تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال الى

هذا الوضع المزري لأن النقود لا تلد النقود.



وفي الاطار ذاته لكن بوضوح وجرأة أكثر طالب رئيس تحرير صحيفة لوجورنال د فينانس

رولان لاسكين في افتتاحية هذا الأسبوع بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في

المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم من جراء

التلاعب بقواعد التعامل والافراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة.



الخيار البديل



وعرض لاسكين في مقاله الذي جاء بعنوان: هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ

الشريعة الإسلامية؟ المخاطر التي تحدق بالرأسمالية وضرورة الاسراع بالبحث عن

خيارات بديلة لانقاذ الوضع، وقدم سلسلة من المقترحات المثيرة في مقدمتها تطبيق

مبادئ الشريعة الإسلامية برغم تعارضها مع التقاليد الغربية ومعتقداتها الدينية.



واشارت المواقع الالكترونية أنه في استجابة فرنسية على ما يبدو لهذه النداءات،

أصدرت الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية -وهي أعلى هيئة رسمية تعنى

بمراقبة نشاطات البنوك- في وقت سابق قرارا يقضي بمنع تداول الصفقات الوهمية

والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأسمالي واشتراط التقابض في أجل محدد

بثلاثة أيام لا أكثر من ايرام العقد، وهو ما يتطابق مع أحكام الفقه الإسلامي.



كما أصدرت نفس الهيئة قرارا يسمح للمؤسسات والمتعاملين في الأسواق المالية

بالتعامل مع نظام الصكوك الإسلامي في السوق المنظمة الفرنسية مشيرة ان الصكوك

الإسلامية هي عبارة عن سندات إسلامية مرتبطة بأصول ضامنة بطرق متنوعة تتلاءم مع

مقتضيات الشريعة الإسلامية.



وتشير الرسائل المتبادلة عبر الانترنت الى عدد من الشهادات المنسوبة الى عقلاء

الغرب ورجالات الاقتصاد تنبه الى خطورة الأوضاع التي يقود اليها النظام

الرأسمالي الليبرالي على صعيد واسع، وضرورة البحث عن خيارات بديلة تصب في

مجملها في خانة البديل الإسلامي.



*التمويل الإسلامي*



ففي كتاب صدر مؤخرا للباحثة الايطالية لووريتا نابليوني بعنوان اقتصاد ابن آوى

أشارت فيه الى أهمية التمويل الإسلامي ودوره في انقاذ الاقتصاد الغربي.



واعتبرت نابليوني أن مسؤولية الوضع الطارئ في الاقتصاد العالمي والذي نعيشه

اليوم ناتج عن الفساد المستشري والمضاربات التي تتحكم بالسوق والتي أدت الى

مضاعفة الآثار الاقتصادية.



وأضافت أن التوازن في الأسواق المالية يمكن التوصل اليه بفضل التمويل الإسلامي

بعد تحطيم التصنيف الغربي الذي يشبه الاقتصاد الإسلامي بالارهاب، ورأت نابليوني

أن التمويل الإسلامي هو القطاع الأكثر ديناميكية في عالم المال الكوني.



وأوضحت أن المصارف الإسلامية يمكن أن تصبح البديل المناسب للبنوك الغربية، فمع

انهيار البورصات في هذه الأيام وأزمة القروض في الولايات المتحدة فان النظام

المصرفي التقليدي بدأ يظهر تصدعا ويحتاج الى حلول جذرية عميقة.



وذكرت انه منذ عقدين من الزمن تطرق الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في

الاقتصاد موريس آلي الى الأزمة الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي بقيادة

الليبرالية المتوحشة معتبرا أن الوضع على حافة بركان، ومهدد بالانهيار تحت وطأة

الأزمة المضاعفة »المديونية والبطالة«.



واقترح للخروج من الأزمة واعادة التوازن شرطين هما تعديل معدل الفائدة الى حدود

الصفر ومراجعة معدل الضريبة الى ما يقارب %2. وهو ما يتطابق تماما مع إلغاء

الربا ونسبة الزكاة في النظام الإسلامي.



وأدت الأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد الأمريكي الى افلاس عدد من البنوك كان

آخرها بنك واشنطن ميوتشوال الذي يعد أحد أكبر مصارف التوفير والقروض في

الولايات المتحدة.



وتأثر ميوتشوال -الذي يعتبر سادس مصرف في الولايات المتحدة من حيث الأصول-

بالأزمة العقارية وتدهورت أسهمه في البورصة الى الحد الأقصى.



ويعتبر هذا المصرف أحدث مؤسسة عملاقة في عالم المال الأمريكي تنهار بسبب الأزمة

في أقل من أسبوعين بعد مصرفي الأعمال ليمان براذرز، وميريل لينش، اضافة الى

مجموعة التأمين ايه آي جي.



الرأسمالية ولدت بأسس خرابها



ومن جانبه قال مدير وحدة الاقتصاد الإسلامي في كلية العلوم الادارية د.محمد

القطان ان الاقتصاد الرأسمالي ولد بأسس خرابه.



واضاف القطان في تصريحات خاصة لـ »الوطن« ان الامر الغريب ليس انهيار النظام

الرأسمالي لأنه كان متوقعا من الاقتصاديين الغربيين والمسلمين على حد سواء ولكن

المستغرب هو انهياره بهذه السرعة وبشكل مفاجئ.



واشار الى مشكلة الديون والفوائد هي اساس خراب هذا النظام حيث يتم اقراض

الدولار 7 مرات وصلت خلال الأزمة الحالية الى 39 مرة.



واكد ان جميع المفكرين الذين يعترفون بالاخلاق قالوا ان هذا النظام زائل مؤكدين

على ان الفائدة لا تنمي المال لافتا الى ان الاقتصاد الإسلامي هو الحل.



وقال القطان ان الشركات والمؤسسات الإسلامية سوف تخرج من هذه الأزمة سالمة دون

اضرار ما عدا التي لم تلزم بأصول الاقتصاد الإسلامي ووقعت في اخطاء منوها الى

ان خسائر تلك الاخطاء سوف تكون قليلة مقارنة بالاثار المدمرة على الاقتصاد

العالمي.





*الرأسمالية تهرول إلى الهاوية*



وقال استاذ ادارة الاستثمار في الجامعة الامريكية العالمية بدبي سابقا وعضو

جمعية قيادات الاعمال والتجارة العالمية بأمريكا د.محمود حاجي ان الاقتصاد

الاشتراكي اضمحل والدول التي تتمسك به تعاني الفقر والرأسمالي اصبح يهرول نحو

الهاوية.



واضاف حاجي ان الاقتصاد الإسلامي هو البديل لأنه اقتصاد الواقع والحقيقة ويعتمد

في تعاملاته على المادة والسلعة ثم المادة مرة اخرى بعكس الرأسمالي الذي يعتمد

على المادة والمادة وثالثهما الخيال والوهم.



واكد حاجي ان الاقتصاد الإسلامي هو السبيل للخلاص من النظام الرأسمالي ومفاسده

والاحتكار وتضخم الائتمان الذي يعتمد على التقييم غير الواقعي للأصول.



واشار الى ان انهيار الشركات والمؤسسات الغربية هو نتيجة مباشرة لتقييمها بشكل

متضخم على الورق واعلى من قيمتها الحقيقية استناد االى ما تملك وما لا تملك وما

سوف تملك مستقبلا.



واوضح ان الاقتصاد الإسلامي لا يتعامل مع التوقعات والمراهنات على الشراء

والبيع ومن امثلتها »شورت سيل« و»لونج سيل« و»البيوع المستقبلية« بالبورصات

ولكن يعترف فقط بالبيع والشراء الواقعي.



ودعا الاقتصادات الغربية الى التقرب من الاقتصاد الإسلامي باعتباره المنقذ من

الأزمة الحالية والتخلي عن النظرة العنصرية مؤكدا انه قادر على اخراجها سالمة

من الزلزال الذي يضرب الاقتصاد العالمي.